يوسف وامة حياة كاملة السلسلة الاولي
أبطال القصة , أنا اسمي يوسف العمر 21 سنة طالب بسنة 3 فنون جميلة إختصاص رسم على الخزف طولي 182 صم رياضي نوعا ما رشيق يقال عني كذلك أني وسيم .. تفكيري بسيط وانطوائي لدرجة كبيرة ليس لي أصدقاء أبدا الشخص الوحيد الموجود بحياتي هي أمي بطلة القصة الثانية اسمها حياة عمرها الآن 40 سنة , نعم فأمي تزوجت بسن 18 سنة وأنجبتني وعمرها 19 سنة وتوفي والدي زوجها وإبن عمها وأنا جنين ببطنها لذلك سميت على إسمه ...
هي تشبه لحد بعيد الفنانة المصرية نبيلة عبيد خاصة في شبابها فصورها وهي صغيرة لا يمكن تميزها عنها سواء في الجسم او الوجه مع ان الزمن لم يستهلك منهما كثيرا فهي بقيت محافظة على جمالها ونظارتها رغم حزنها الدائم
زواج أمي المبكر وترملها المبكر وإنقطاعها عن التعليم ووأد أحلامها كلها دفعة واحدة خلق لديها نوعا من الحقد على الظروف يلازمها دوما جعلها تتفاني في تربيتي خلال الجزأ الأول من حياتي التي عشتها في إحدى الولايات الداخلية بتونس حتى نجاحي بالباكالوريا الذي تزامن مع وفات جدي لأبي أين إتخذت أمي قرارا مصيريا ببيع جميع ممتلكاتنا و التنقل للعيش بالعاصمة.
لم تغيّر النقلة من الريف إلى المدينة في طباعي بل زادتني انغلاقا حيث أحسست بالنقص أمام أترابي أبناء المدن في كل شيء فخيّرت الابتعاد عن الناس واقتصرت حياتي لمدة 3 سنوات على الجامعة و البيت وصالة رياضة صغيرة قريبة من شقتنا
أما أمي فقد وجدت في عدم معرفة الناس لها فرصة لإطلاق عنان خيالها للكذب وتأليف قصص عن حياتها.. كنت أجد لها ألف عذر فقد قررّت أن تعيش أحلام صغرها ولو كذبا في مخيلة الناس فأقنعت الجميع من البقال إلى جاراتها في العمارة الفخمة التي سكنا فيها أنها كانت تعيش بالخارج مع عائلتها وأنها جابت كل دول العالم بحكم وظيفتها بوزارة الخارجية وبحكم كون زوجها المتوفى كان إطار ساميا بالوزارة ويعمل بالسلك الدبلوماسي وأنها بعد وفاته قررت العودة للإستقرار بالوطن من اجل مصلحة إبنها ... كانت أسعد لحظات حياتي وهي تصف لجارتها في الزيارات النادرة لشقتنا جمال لندن وباريس وكانت تصف الشوارع والأنهج والمتاحف و المحلاّت بكل مدن العالم بدقة جعلتني أنا إبنها أحيانا أصدّق أنها فعلا زارتها ... ساعدت ثقافة أمي الواسعة وحبها لمطالعة مجلات اللباس و الموضة على إتقان لعبتها دون الوقوع في أي موقف محرج كما أن إدمانها على التلفزيون والمسلسلات أكسبها معرفة واسعة بكل دول العالم فمثلا إكتشف أنها إذا تابعت مسلسلا وكانت اللقطة ان البطلة تدخل نزلا معينا فهي تحفظ تفاصيل النزل وإسمه والشارع المؤدي إليه وما أمامه وما خلفه بدقة غريبة
إضافة إلى إدمانها المسلسلات فقد كانت تدمن المسابقات التلفزية فكانت تشارك باي مسابقة فيها ربح من "من سيربح المليون " الى " الحلم" الى " إربح سيّارة " فهي لم تترك أية مسابقة إلا وأرسلت اليها وشاركت وإتصلت ولكن عبثا لم يسعفها الحظ ولا مرّة ومن هنا تبدأ أحداث قصتنا من إدمان أمي للمسابقات
ففي أواخر فصل الربيع الفارط كنت كالعادة بغرفتي أقوم باحد الأعمال المتعلّقة بالدراسة دخلت عليا أمي الغرفة تمسك هاتفها وتضحك حتى اغرورقت عيناها بالدموع
مالك ما تضحكيني معاكي ؟؟
" بصعوبة" حزّر مين كلمني دلوقتي ؟؟
مش ممكن تكون وزارة الخارجية ؟؟؟
هه يخرب بيتك لا لا ما أنا ستقلت خلاص هههه
ههه طيب مين ؟؟؟ قولي ؟؟؟؟
التلفزيون ؟؟؟
حتشتغلي مذيعة ؟؟؟
يخرب بيت عباوتك انا انفع مذيعة ؟؟
أه وهما حيلاقو زيك فين ؟؟
تسلملي ؟؟ بس بجد التلفزيون كلمني ؟؟
خير ؟؟؟ قولي بقا
أصلي كنت مشاركة في مسابقة وكسبت
لا قولي كلام غير دا ؟؟ كسبتي ؟؟ مبروك ؟؟؟ دي تستاهل حفلة وأخيرا ؟؟
لا حفلة ولا مبروك ولا نيلة ؟؟
وجلست أمي بجانبي تشرح لي أن التلفزيون منذ مدة أعلن عن مسابقة للأزواج الجائزة فيها إقامة لمدة أسبوع في احد النزل الفخمة جدّا وبعض الجوائز الأخرى كوصلات شراء من محلات ملابس معروفة إلخ ... ومن دون المسابقات التي شاركت فيها لا تكسب إلا الشيء الوحيد الذي لا يمكنها الحصول عليه فهي أرملة كما أنها لما قامت بتعمير قصاصة المشاركة وضعت إسم زوجها وعملها الوهمي بوزارة الخارجية ... خلاصة الكلام أنها قامت بتعمير القصاصة بالشخصية المزيفة التي تقمصتها ومن هنا إنقطع سبيل الرجاء أن تحصل على جائزتها وخرجت لتعد طعام العشاء
صراحة رق قلبي لها وخفت أن تعاودها حالة الإكتئاب التي كنا نعيشها في الريف فالحق يقال أنها أصبحت مرحة جدا منذ إنتقالنا هنا وهو ما كان يسعدني أنا كذلك
لحقتها إلى المطبخ أملا في تسليتها و إخراجها من الإحباط الذي سببه صد الحظ لها
بتطبخي ايه يا قمر ؟؟
سد الحنك ؟؟ يا ابو حنك ؟؟
ليه بس ؟؟ تعرفي كلو منك إنت ؟؟ تعرفي لو شاركتي في مسابقة طبخ تطلعي البيريمو بلا منافسة ؟؟
ايوة ما أنا الشغالة بتاعت حضرتك ؟؟
" قمت حاضنها " شغالة مين دا إنتي ملكة الملوك " وبوستها على خدها "
يا إختي عليك وعلى حنيتك ؟؟ يا بخت الي حتتجوزك ؟؟
أنا مش حتجوز؟؟ حد يلاقي زيك وفي حلاوتك وحنيتك و تعرف تطبخ زيك وتهتم بيه ويروح يتهبب يجيب وحدة غريبة ؟؟
هههه داه أنا أمك يا أهبل
من هنا لمعت في رأسي فكرة ولو إني نادرا ما أفكّر او أقترح اي شيء, لكن قلت اقترحها إن لم تعجبها فالمؤكد أنها ستضحكها
بقولك ايه يا ماما ؟؟ هو إنت إسمك إيه بالكامل ؟؟؟
استعبط عليا هو انا ناقصاك
لا قولي بس اسمك ايه بالكامل الي مكتوب في البطاقة
حياة كذا حرم يوسف كذا ؟؟ ليه السؤال السخيف داه ؟؟
وانا إسمي إيه ؟؟
انت حتجنني ؟؟ لا فاكر اسم امك ولا اسمك ؟؟ انت بتبرشم يا ولى ؟؟
هههههه لا لا بس قولي
يوسف كذا ؟؟ لما نشوف آخرتها معاك
يعني تخيلي لو إتصلنا بالتلفزيون ووريناهم البطاقات مش حكون انا ساعتها زوجك ؟؟؟ وممكن نروح ونستلم الجايزة ؟؟
يا سلام ؟؟ يعني لما حيشوفونا مش حيعرفو إنك أبني ؟؟
وحيعرفو منين ؟؟ كل الي ليهم الورق ؟؟ وهما مش طالبين شهادة ميلاد اوحاجة ز دي وانتع البطاقة حرم يوسف يعني مراتي وممكن تعدي عليهم ؟؟ ولو على فرق السن أولا انت مش باين عليكي خالص وثانيا في ستات كثير بيتزوجو شباب اصغر منهم
روح إلعب بعيد أنت عاوز تسجنا
إحنا خسرانين إيه ؟؟ نكلم التلفزيون ونشوف لو كشفو الحكاية أهو إحنا حاولنا
لا لا دي حاجة تخوّف
وأمضينا طوال فترة العشاء وجزأ كبيرا من الليل في هذا النقاش ؟؟ فأمي كان تخاف جدا من أي شيء غير قانوني ؟؟ فأحيانا تغيّر الطريق لان فيه شرطة لا لشيء لكي لا يروها ولكن أمامي إلحاحي وأمام شوقها للكسب و الفوز إقتنعت و بالفعل اتصلنا بالتلفزيون و أعلمونا أن المندوب سيزورنا بعد غد لتعمير الاوراق وتحديد الموعد المناسب للسفر .. مر اليوم التالي عاديا لكنه ثقيل كان إضطراب حياة (فقد إتفقنا أن نعود أنفسنا على مناداة بعضنا بالأسماء المجرّدة كي لا يكشف امرنا بزلة لسان) لا يمكن تجاهله وكنت اشجعها بأننا سننجح
دق جرس الباب .. و تسارعت دقات قلبنا معه ... مندوب المسابقة في موعدة بالتمام ... فتحت أمي الباب ... ومر الموضوع بسلاسة وبساطة مجرّد تعمير بضعة وثائق وإمضاء ورقة وإنتهى الامر عاديا بسيطا لا يشوبه شائبة الا نظرة اشمئزاز من مساعدة المندوب والاكيد انها تفكر أني تزوجت هذه السيدة من أجل مالها وخرج المندوب بعد ان إتفقنا ان السفر بعد يومين واعلمانا ان لا نحظر شيئا معنا فكل مستلزماتنا من لبس وغيره هدية من البرنامج ... مع إغلاق الباب ورائه انطلقنا في الإحتفال انا وحياة و الصراخ والرقص والقفز كالأطفال ... قلبي كان يقفز فرحا لفرحها وكذلك هذه أول مرة في حياتي سأدخل نزل وقد سمعت عنه الكثير ... مر اليومان ببطئ شديد كنا نقاتل الوقت أن يمضي عبثا ... إتفقت أنا وحياة أن يترك كل منا الآخر على حريته هي تتمتع بصالون التجميل والساونا والمسا جوانا العب الألعاب المائية و المسابح ... بصراحة هذه فكرتنا عن العطلة فنحن لا نعرف نزلا ولا دخلناها قبلا ... جائت سيارة ليموزين وقفت أما البيت ركبت أمي بشموخ و السائق يفتح لها الباب فرصة لتثيت صحة كلامها لجارتنا اللواتي وقفن في الشرفات يراقبن الأمر ... الآن اليقين انها كانت تعمل في الخارجية بل وكانت من إطارتها العليا ركبت بجانبها وقد تقمصت امي الشخصية كنت انظر إليها و عقلي يقول " حقا انها كانت تستحق حياة أفظل " مر الطريق سريعا وانا أراوح التفكير بين فكرتين اولهما " ماذا لو عاشت امي حياتها التي كانت تتمنى" وثانيتهما " ماذا سأفعل في أسبوع الأحلام هاذا" دخلنا النزل وانا مشدوه من فخامته وحياة تحاول تنبيهي الا افضحها و أفضح نفسي بانها أول مرّة .
دقائق قليلة مرّة وجاء عون الإستقبال لتعمير الاوراق .. إضطربت حياة لكن الرجل لم يكلف نفسه عناء النظر في بطاقات الهوية ولا في وجوهنا تسلّم الأوراق من السائق وودعنا الاثنان معا بابتسامة عريضة... رأيت البهجة ترقص في عيني امي وخطفت عيناي صورة الفتاة التي توجهت نحونا مرحبة بشوشة تدعونا ان نتبعها بلباقة ... بشاشة ولباقة حاولت عبثا أن أركز ان اجعلهما يدفاعني تركيزي عن لباسها القصير فخضيها البيض تحت الميني جيب الذي لا يستر شيئا ... تغير تفكيري الآن هذا أسبوع المتعة فعلا كانت تمشي وانا أفحص مؤخرتها الصغيرة مع كل اهتزازة تهتزها يهتز قلبي ومشاعري مع كل خطوة تخطوها ... أفقت على لكزة من مرفق حياة تنبهني فيها مكشّرة ... وصلنا اما باب الجناح المخصص لنا ... فتحت الفتاة الباب وطلبت منا الدخول مودعة إيانا بابتسامة غريبة وهي تنظرالينا و قالت " خوذو راحتكم كمان شوية حتيجي المسؤولة عنكم ترحّب بيكم "
دخلنا الجناح, حياة راحة تكتشف الغرفة والفرش والحمام وانا خرجت للشرفة هو ليس جناح بالمعنى هو جزأ صغير منفصل عن مبنى النزل وكأنه مخصص للعرسان كي لا يزعجهم أحد ... كنت سعيدا جدا الشرفة تطل على المسبح والبحر والحديقة الشاسعة والأشجار منظر من الجنة خاصة مع الحوريات الاّتي يحمّرن جلودهن تحت أشعة شمس العصر الدافئة ... سرحت مع هذا المشهد لا أدري لكم من الوقت ... خيالي عجز يوما ان يأتيني بمثل هذه الصور ... أفقت من تخيلاتي على صوت امي تنادي
يوسف تعالى شوف المصيبة
" دخلت مسرعا " فيه إيه ؟؟؟
شوف وقلي رايك إيه في الوحلة دي ؟؟
في إيه الجناح فخم ونظيف وواسع ؟؟
تعالى في سرير واحد بس ؟؟ والدش و البانيو مفتوحين ؟؟ مافيش غير الحمام بيتقفل ؟؟؟
مازلت لم استوعب سبب فزع حياة حتى سمعنا طرقا على الباب ... ودون انتظار الإذن فتح الباب ودخلت إمرأة تقريبا في مثل سن أمي أنيقة تبدو عليها الصرامة والجدية ... نظرت لمدة في وجه حياة ثم فجأة إحتضنتها بقرحة عارمة قائلة " من أول ما قريت اسمك قلت انك هيا " كان إرتعاش ركب امي ومفاصلها يلحظه الأعمي ... وصوت خفقان قلبها يسمعه الاصم وخوفها يشمه المزكوم ... إنفلتت برفق من بين ذراعيها ونظرت إليها نظرة لا تفسر مزيج من الدهشة والرعب وكل مشاعر اهل الأرض فيها وقالت " عفوا ... إنت مين ؟؟" ردت المرأة بحنق فيه بعض العتاب " معقولة ؟؟ مش فاكراني ؟؟؟ انا نجيبة ؟؟؟ زملتك في الثانوية ؟؟؟؟ " قبل أن ترد حياة الفعل التفتت لي المرأة باستغراب وقالت " مين الشاب داه ؟؟؟ " جفاف حلقي غطى على عرقي ورعبي دون الحديث عن امي
وقلت في داخلي " خلاص رحنا في داهية " لقد كشف أمرنا ولا اعلم ما الأفضل السجن او الفضيحة او الهرب